
باستشهاد الحاج محمد عفيف، تيتّمت البسمة الطيبة، والعلاقات الودودة، والأخلاق الرفيعة، التي لطالما رسمت صفاته وتميّز بها الحاج الشهيد محمد عفيف مع سائر الإعلاميين.
باستشهاد الحاج محمد عفيف، استشهد الفدائي المقاوم الشجاع الذي تحدّى تهديد العدو الإسرائيلي، ورفض الاختباء وأصرّ على التواصل وتبوؤ المسؤولية واستكمال المسيرة بكل أمانة وشجاعة نادرة مدثراً بثوب الإباء والعزة والكرامة.
الحاج محمد عفيف قال للشهيد الأغلى حسن نصرالله قبل أيام من استشهاده: «يا سيد لماذا تستعجل الاستشهاد في خطابك، فنحن يا سيد حسن بحاجة إليك، فلا طيّب الله عيشنا من بعدك». وها نحن اليوم نقول يا حاج محمد عفيف لقد استعجلت الاستشهاد، فنحن لا نزال بحاجة إلى شجاعتك، وإلى روح التحدي والمواجهة رغم الجراح، وبحاجة إلى قلمك وكلماتك وديبلوماسيتك الغنية بمعرفة الخبايا، وبحاجة إلى مناقبيّتك والتزامك صوت الحق ومبادئ المقاومة الشريفة، وبحاجة إلى قراءتك الواقعية والرزينة للأحداث، وإلى دماثتك وتهذيبك، وإلى أخلاقك الرفيعة والابتسامة الهادئة الواثقة، ونحن بحاجة إلى روح المقاومة الساكنة والمتأصلة فيك. في المرة الأولى التي التقيته فيها وسط الغارات الصهيونية على الضاحية الأبية متحدياً الخوف والقصف والدمار، خيّم علينا الوجوم، وانهمرت من أعيننا دموع الحزن على استشهاد السيد حسن، مستذكراً لحظات وأوقات جمعته والسيد حسن نصرالله قبل استشهاده، قاطعاً الوعد بتنفيذ ما خطط له السيد الشهيد وباستكمال المسيرة بوفاء وإخلاص بعد استشهاده حتى آخر نفس. وفي آخر مرة التقيته مع مجموعة من الإعلاميين، وصل إلينا بهدوء وطمأنينة، وبادر إلى مصافحة الجميع فرداً فرداً تصاحبه البسمة المليئة بإيمان وارتياح النفس بتحقيق النصر رغم المآسي. وكان وجهه يطفح بنور ملائكي، كأن علامات الاستشهاد ارتسمت على محيا الحاج محمد عفيف، كأنّه يقول أريد استعجال اللقاء مع الحبيب والرفيق الأمين السيد الشهيد، فلا طيّب الله العيش بعد استشهاد السيد حسن نصرالله. وحين همّ بالمغادرة، استعجلت خطى اللحاق به لأقول له بأمانة نابعة من حرصي عليه: «أرجوك يا حاج دير بالك الله يحميك».
يا حاج محمد عفيف أيّها المثقف المؤمن، باستشهادك سنفتقد شجاعتك النادرة، ومقاومتك المدثرة بالإيمان، سنفتقد الصوت المقاوم الذي صدح من قلب الضاحية وسط الركام، سنفتقد الفدائي الذي أسهم في شحذ همم المجاهدين الأشاوس المرابطين في الثغور وعلى جبهات القتال، يخوضون معارك الشرف في الجنوب الصامد. سنفتقد المشورة ورحابة صدر وروحاً مليئة بهمّة عالية، داعية إلى الصبر والصمود والإيمان المطلق بالنصر. سنفتقد أخاً عزيزاً مقاوماً مقداماً وغالياً، كان وسيبقى في ذاكرتنا حافزاً ودافعاً حتى تحقيق الانتصار المبين.
تتقدم «ندوة العمل الوطني» بجميع أعضائها من قيادة «حزب الله» بخالص التبريك بشهادة الحاج محمد عفيف، كما تتقدّم من عائلة الشهيد الحاج محمد عفيف ومن إخوته ومحبيه، ومن جميع الإعلاميين الذين واكبوا الشهيد بالسراء والضراء بخالص العزاء والمواساة.
نعاهد الشهيد الحاج محمد عفيف، بالوفاء لمسيرته الزاخرة بالمقاومة الشريفة، وباستكمال ما رسمه وما خطّط له حتى تحقيق النصر على الصهاينة وحتى تحرير كامل تراب الوطن وتراب فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي.
رئيس «ندوة العمل الوطني»